
الثلاسيميا، هي إحدى الاضطرابات الوراثية التي تؤثر بشكل كبير على الدم وصحة الإنسان، ورغم أنها قد تكون أقل شهرة مقارنة ببعض الأمراض الأخرى، إلا أن الثلاسيميا تعتبر من الأمراض الشائعة في بعض مناطق العالم، خاصةً في المناطق التي يتواجد فيها المهاجرون من حوض البحر الأبيض المتوسط، وجنوب شرق آسيا، وأجزاء من قارة إفريقيا.
ما هي الثلاسيميا؟
الثلاسيميا هي مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على هيموجلوبين الدم، البروتين المسؤول عن نقل الأوكسجين في الجسم، ويتسبب هذا المرض في إنتاج خلايا دم حمراء غير طبيعية أو في نقص عدد خلايا الدم الحمراء السليمة، مما يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم المزمن.
تتميز الثلاسيميا بوجود نوعين رئيسيين: الثلاسيميا ألفا و الثلاسيميا بيتا، حسب الجين المتأثر، في الثلاسيميا ألفا، تحدث المشكلة عندما لا يتم إنتاج البروتين المكون للهيموجلوبين بشكل كافٍ، بينما في الثلاسيميا بيتا، يحدث نقص في إنتاج سلاسل بيتا الهيموجلوبين.
تشير الدراسات إلى أن الثلاسيميا تؤثر على حوالي 1 من كل 100 ألف شخص في العالم، وفي بعض المناطق، مثل شمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، تكون نسبة الإصابة أعلى بكثير، حسب المعهد الوطني للسرطان.
أسباب الثلاسيميا
الثلاسيميا هي مرض وراثي، أي أنها تنتقل من الآباء إلى الأبناء عبر الجينات. الأشخاص المصابون بالثلاسيميا لديهم جين غير طبيعي (طفرة) ينتقل من الوالدين. في حالة الثلاسيميا ألفا، ينتقل الجين المتضرر من أحد الوالدين، بينما في حالة الثلاسيميا بيتا، يتطلب أن يحصل الطفل على الجين المتضرر من الوالدين معًا.
الأشخاص الذين يحملون جين الثلاسيميا (أي لديهم نسخة واحدة من الجين المتضرر) قد لا يعانون من أي أعراض، لكنهم يمكنهم نقل المرض إلى أبنائهم إذا كان الطرف الآخر يحمل نفس الجين المتضرر.
أعراض الثلاسيميا
تعتمد شدة أعراض الثلاسيميا على نوع المرض ومدى تأثر الجسم. بعض الأعراض الشائعة تشمل:
- فقر الدم: ويُعتبر من الأعراض الرئيسة للثلاسيميا، حيث يشعر المريض بالتعب والضعف بشكل مستمر بسبب قلة خلايا الدم الحمراء السليمة التي تحمل الأوكسجين.
- شحوب الجلد: نتيجة لفقر الدم، يصبح لون الجلد شاحبًا، خاصة في منطقة الوجه.
- آلام في العظام والمفاصل: بسبب تراكم الحديد بالجسم، قد يشعر المريض بآلام مزمنة في العظام.
- تورم في البطن: بسبب تضخم الطحال أو الكبد، قد يظهر انتفاخ في البطن.
- تأخر النمو: الأطفال المصابون بالثلاسيميا قد يعانون من تأخر في النمو مقارنة بأقرانهم.
- الإرهاق العام: يعتبر الإرهاق المستمر وضعف القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية من أبرز الأعراض.
تشخيص الثلاسيميا
يتم تشخيص الثلاسيميا من خلال مجموعة من الفحوصات المخبرية، مثل:
- تحليل الدم: للكشف عن عدد خلايا الدم الحمراء، قياس الهيموجلوبين، واكتشاف إذا كان هناك خلايا دم حمراء غير طبيعية.
- الفحوصات الجينية: لتحديد ما إذا كان الشخص يحمل جينات الثلاسيميا، خاصة إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا بالمرض.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: لاكتشاف أي تغيرات في حجم الطحال أو الكبد.
وتشير مؤسسة أبحاث الثلاسيميا إلى أن التشخيص المبكر ضروري للمساعدة في التحكم في الأعراض ومنع المضاعفات.
علاج الثلاسيميا
حاليًا، لا يوجد علاج نهائي للثلاسيميا، ولكن هناك العديد من الخيارات العلاجية التي يمكن أن تساعد في إدارة المرض وتحسين جودة الحياة:
- نقل الدم الدوري: يعد نقل الدم من العلاجات الأساسية للثلاسيميا، حيث يساعد في تعويض نقص خلايا الدم الحمراء وزيادة مستويات الهيموجلوبين في الجسم.
- الاستفادة من الأدوية: يمكن أن تساعد الأدوية مثل إ deferoxamine في تقليل تراكم الحديد في الجسم، وهو أحد الآثار الجانبية الناتجة عن نقل الدم المتكرر.
- زراعة نخاع العظام: تعتبر زراعة نخاع العظام أو الخلايا الجذعية من العلاجات المحتملة للأطفال المصابين بالثلاسيميا، حيث يمكن أن توفر علاجًا دائمًا للمريض.
- العلاج الجيني: بدأت الأبحاث في استخدام العلاج الجيني لعلاج الثلاسيميا، وهو ما قد يمثل الحل النهائي في المستقبل، وفي دراسة حديثة من جامعة أكسفورد، تم اختبار استخدام العلاج الجيني لإنتاج خلايا دم حمراء سليمة لتحسين نوعية الحياة للمصابين.
الخلاصة
الثلاسيميا هو اضطراب وراثي قد يؤثر بشكل كبير على حياة المصابين به، ولكن مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأفراد المصابين به أن يعيشوا حياة طبيعية إلى حد كبير، وتواصل الأبحاث الطبية في هذا المجال لتقديم علاجات جديدة قد تكون أكثر فعالية في المستقبل، مما يمنح الأمل للعديد من المرضى وعائلاتهم.