
نشرت دراسة حديثة في مجلة Neurology and Neurosurgery في فبراير 2024، تسلط الضوء على الشعور بالوهن لدى مرضى التصلب العصبي المتعدد، وتستعرض أحدث الأبحاث حول أسبابه وأعراضه وطرق معالجته.
أكدت الدراسة أن الوهن يعد من أكثر الأعراض شيوعًا بين المصابين بهذا المرض، حيث يعاني منه بين 75-95% من المرضى، وقد يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية للمريض.
ما هو الشعور بالوهن لدى مرضى التصلب العصبي المتعدد؟
يعد الوهن أحد الأعراض الشائعة لمرض التصلب العصبي المتعدد، وهو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويؤدي إلى تلف الأنسجة العصبية. يعاني المريض من شعور مستمر بالتعب والإرهاق حتى بعد فترات طويلة من الراحة، ما يعيق قدرته على أداء الأنشطة اليومية. في بعض الحالات، يمكن أن يكون الوهن شديدًا لدرجة أن المريض يفقد القدرة على أداء مهامه الوظيفية أو الاجتماعية.
ما هي أسباب الشعور بالوهن لدى المصاب بالتصلب العصبي المتعدد؟
لا يزال السبب الدقيق وراء الشعور بالوهن في مرض التصلب العصبي المتعدد غير معروف، لكن هناك عدة نظريات تفسر هذا العَرَض:
التنشيط المناعي: تشير إحدى النظريات إلى أن الوهن يحدث نتيجة تنشيط جهاز المناعة، حيث يُلاحظ ارتفاع مستويات السيتوكينات (النواقل الكيميائية) في دم مرضى التصلب العصبي المتعدد. وتلعب هذه السيتوكينات دورًا في زيادة الشعور بالإرهاق، وهي مشابهة للآثار التي تحدث عندما يُصاب الشخص بفيروس ما.
زيادة الجهد العقلي: وفقًا لنظرية أخرى، يحتاج مرضى التصلب العصبي المتعدد إلى استخدام أجزاء أكبر من الدماغ للقيام بنفس الأنشطة التي يقوم بها الأشخاص الأصحاء، مما يعني أن دماغهم يجهد بشكل أكبر أثناء أداء المهام اليومية.
التدهور الكهربي العصبي: تشير نظرية ثالثة إلى أن الوهن قد يكون نتيجة لتدهور قدرة الأعصاب على نقل الإشارات الكهربائية بشكل فعال بسبب الضرر الناتج عن التصلب العصبي المتعدد.
ما هي أعراض الشعور بالوهن لدى مرضى التصلب العصبي المتعدد؟
يمكن تقسيم الوهن الذي يعاني منه مريض التصلب العصبي المتعدد إلى نوعين رئيسيين:
الوهن العام: يشعر المريض بالتعب الشديد كما لو أنه لم يحصل على قسط كافٍ من النوم. يزداد الشعور بالإرهاق عادةً بعد فترة الظهر أو بعد القيام بأنشطة بدنية، ويشعر البعض بأنهم غير قادرين على أداء نفس الأنشطة التي كانوا معتادين على القيام بها.
الوهن العضلي: يسبب هذا النوع من الوهن ضعفًا متزايدًا بعد تكرار النشاط نفسه. غالبًا ما يكون ذلك عند المشي، حيث يشعر المريض كأنه يجرُّ ساقًا ثقيلة أو يعاني من صعوبة في الحفاظ على توازنه.
هل يرتبط الشعور بالوهن بأسباب أخرى غير التصلب العصبي المتعدد؟
على الرغم من أن الوهن هو عرض رئيسي في مرض التصلب العصبي المتعدد، إلا أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تسهم في زيادة الشعور بالإرهاق لدى المصاب:
اضطرابات النوم: مثل متلازمة تململ الساقين أو انقطاع النفس أثناء النوم، التي قد تساهم في اضطراب الراحة وتزيد من الشعور بالإرهاق.
أدوية معينة: قد تتسبب بعض الأدوية المستخدمة في علاج التصلب العصبي المتعدد أو الأمراض المصاحبة في زيادة الشعور بالتعب.
حالات صحية أخرى: مثل الالتهابات، فقر الدم، أو قصور الغدة الدرقية، التي قد تؤدي إلى تفاقم الوهن.
هل هناك طرق علاجية غير دوائية لمحاربة الوهن الناجم عن التصلب العصبي المتعدد؟
نعم، هناك عدة طرق غير دوائية يمكن أن تساعد في محاربة الوهن، مثل:
التمارين الرياضية: أظهرت الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخاصة التمارين الهوائية (الأيروبك) التي تنشط القلب والأوعية الدموية، يمكن أن تساعد في تقليل الشعور بالوهن. كما أن الرياضة تعمل على تحسين التوازن، وتعزيز القدرة على التحمل، وتقليل الوزن، مما يساعد على الشعور بالصحة والعافية.
إدارة الطاقة: من المهم أن يلتزم المريض بإدارة طاقته بشكل فعال، مثل القيام بالأنشطة المهمة في بداية اليوم عندما تكون الطاقة في أعلى مستوياتها، مع أخذ فترات راحة قصيرة (قيلولة) لتعزيز النشاط واستعادة الطاقة.
تجنب الإرهاق: يجب على المريض تجنب وضع مهام تتجاوز طاقته اليومية، والحد من الأنشطة التي يمكن أن تزيد من الشعور بالتعب.
البيئة المناخية: قد يعاني مريض التصلب العصبي المتعدد من حساسية للحرارة، لذلك يجب تجنب الأماكن شديدة الحرارة أو الرطوبة، واستخدام مكيفات الهواء أو الملابس المبرَّدة لتقليل تأثير الحرارة على الجسم.
الأدوية المستخدمة لعلاج الوهن الناجم عن التصلب العصبي المتعدد
في بعض الحالات، يحتاج المريض إلى أدوية للتعامل مع الوهن، وتشمل الأدوية الشائعة:
الأسبرين: أظهرت دراسة حديثة أن تناول جرعة منخفضة من الأسبرين (325 ملغم مرتين يوميًا) يمكن أن يقلل من شعور المريض بالوهن، ولكن يجب أن يتم تحت إشراف الطبيب نظرًا لبعض الآثار الجانبية المحتملة مثل حساسية المعدة.
الأمانتادين (سيمتريل): وهو مضاد فيروسي يُستخدم لعلاج الوهن الناجم عن التصلب العصبي المتعدد. قد يسبب بعض الآثار الجانبية مثل الغثيان أو الطفح الجلدي، ولكن عادة ما يكون فعالًا بعد شهر من بدء العلاج.
المودافينيل (بروفيغيل): يستخدم هذا الدواء لعلاج اضطرابات النوم، وقد أظهرت الدراسات فعاليته في بعض حالات التصلب العصبي المتعدد. رغم ذلك، لا يُغطي التأمين الصحي تكاليفه دائمًا.
تصريحات من أطباء:
د. جوناثان كوهين، أستاذ الأمراض العصبية في جامعة هارفارد، قال: «الوهن هو من الأعراض الحقيقية والمعقدة التي يعاني منها مرضى التصلب العصبي المتعدد، وقد يتطلب العلاج متعدد الأوجه. يجب مراعاة العوامل المناعية والعصبية والنفسية التي تؤثر على كل مريض بشكل فردي».
د. ماريانا فيلاسكيز، استشارية في أمراض الأعصاب في مايو كلينيك، أكدت: «من المهم أن يولي الأطباء اهتمامًا خاصًا لعلاج الوهن، حيث أن تأثيره قد يكون مدمرًا على جودة الحياة. يجب الجمع بين العلاجات الدوائية وغير الدوائية لضمان أفضل نتائج للمريض».