
التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي هو أحد أشكال مرض التصلّب العصبي المتعدد (MS) الذي يُعد اضطرابًا مزمنًا في الجهاز العصبي المركزي.
وفقًا لدراسة نشرت مؤخرًا، يعاني ما بين 31 و 55 من بين كل 10 آلاف شخص في الإمارات العربية المتحدة من التصلّب العصبي المتعدد، حيث يتزايد بشكل ملحوظ عدد الحالات التي تصاب بهذا المرض في الأعوام الأخيرة.
غالبًا ما يتميز مرض التصلّب العصبي المتعدد بأعراض تُعاني منها الغالبية العظمى من المرضى على شكل نوبات تأخذ شكل أزمات تظهر في فترات متقطعة، لكنها يمكن أن تكون أكثر استمرارية في بعض الحالات، مثل التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي.
تعريف التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي
التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي هو نوع من التصلّب العصبي المتعدد حيث تتطور الأعراض بشكل تدريجي ودون وجود نوبات تراجعية.
على عكس النوع الشائع من التصلّب العصبي المتعدد الذي يتسم بظهور أعراض جديدة خلال فترات معينة، فإن المرض التقدّمي الأوّلي يُظهر تطورًا بطيئًا للأعراض مع مرور الوقت، بدءًا من الشعور بالخدر وضعف العضلات وصولًا إلى فقدان التوازن وصعوبة في المشي.
كيف يتم تشخيص التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي؟
تشخيص التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي يتطلب العديد من الفحوصات المعقدة. يبدأ التشخيص بجمع معلومات عن تاريخ المريض الطبي وأعراضه، يليه الفحص العصبي الذي يشمل تصوير الدماغ والنخاع الشوكي باستخدام الرنين المغناطيسي (MRI)، وهو أحد الأدوات الأساسية في التشخيص.
تظهر الصور عادةً مناطق من التصلب أو الأضرار في أنسجة الدماغ والنخاع الشوكي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تشمل الفحوصات الأخرى اختبارات العصبية المحفزة لقياس سرعة النقل العصبي، وعينات السائل النخاعي للتحقق من وجود تغيّرات قد تشير إلى تفعيل الجهاز المناعي في الأنسجة العصبية.
من الخصائص المميزة للتصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي هو أن الأعراض تتطور بشكل تدريجي في جانب من الجسم، مثل الإحساس بالخدر أو فقدان التوازن، وقد يستمر هذا الوضع لمدة عام أو أكثر قبل تشخيصه.
من الضروري أيضًا استبعاد أي تشخيصات أخرى قد تكون متشابهة مع التصلّب العصبي المتعدد.
الأمراض المشابهة للتصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي
عند تشخيص التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي، يجب على الأطباء أن يأخذوا بعين الاعتبار أمراض أخرى قد تشترك في الأعراض نفسها، مثل:
التصلب الشديد الناتج عن نقص فيتامين ب 12: قد يسبب نقص فيتامين B12 أعراضًا مشابهة، مثل ضعف الأطراف، والخدر، وظهور تغيّرات في الرنين المغناطيسي.
مرض لايم: يمكن أن يتسبب في أعراض مشابهة للتصلّب العصبي المتعدد، حيث يؤدي إلى التهاب في الأعصاب وفي الجهاز العصبي المركزي.
التهابات أو أورام العمود الفقري أو الأعصاب: التي قد تؤدي إلى أعراض مشابهة من الخدر وفقدان التوازن.
أسباب التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي
على الرغم من أن سبب التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي غير معروف بشكل قاطع، تشير الأبحاث إلى أنه قد يكون ناتجًا عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية.
يعتقد البعض أن الإصابة قد تكون مرتبطة بعوامل جينية معينة قد تهيئ الشخص للإصابة، بينما يعتقد آخرون أن هناك عوامل محفزة من البيئة، مثل العدوى الفيروسية، يمكن أن تكون مسؤولة عن ظهور المرض. لكن لا يوجد حتى الآن دليل على أن المرض معدي.
التكهنات المستقبلية لمرضى التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي
تتفاوت التكهنات في التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي وفقًا لعمر بداية الأعراض وحالة المريض. يبدأ المرض عادةً في مرحلة عمرية متأخرة، حيث يبدأ غالبية المرضى في الأربعين من عمرهم.
دراسة كندية حديثة أظهرت أن العديد من المصابين استمروا في المشي لعدة سنوات بعد تشخيصهم بالمرض، رغم أن الحالة تتفاقم مع مرور الوقت، وتؤثر بشكل كبير على القدرة على الحركة. ومع ذلك، غالبًا ما لا تتأثر القدرات الفكرية والذاكرة والمهارات العقلية في هذا النوع من المرض.
العلاج المتاح للتصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي
في الوقت الحالي، لا يوجد علاج معتمد للتصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي. معظم الدراسات البحثية تركز على علاج الأنواع التي تظهر فيها نوبات وتفاقم سريع للأعراض.
الأدوية المعتمدة حاليًا في علاج التصلّب العصبي المتعدد مثل الإنترفيرون وأسيتات الغلاتيرامير وميتوزانترون أثبتت فعاليتها في تقليل الأعراض وتحسين حالات المرضى في الأنماط الناكسة، لكن لم تثبت فعاليتها في التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي.
على الرغم من ذلك، يمكن للمرضى الاعتماد على العلاج الطبيعي، و التمارين الرياضية للمساعدة في تحسين الحركة واللياقة البدنية. بعض الأدوية قد تساعد في معالجة أعراض أخرى مثل مشاكل التبول، مشاكل الأمعاء، والألم.
تصريحات من الأطباء:
د. ماركوس رينولدز، أستاذ الأعصاب في جامعة أكسفورد، قال: «التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي يتطلب اهتمامًا خاصًا بسبب تحدياته في التشخيص والعلاج. من المهم البحث في كل الخيارات العلاجية المتاحة وتحسين نوعية الحياة للمرضى».
د. سارة بيرسون، استشارية في طب الأعصاب في مستشفى كليفلاند كلينك، أكدت: «البحث المستمر في التصلّب العصبي المتعدد التقدّمي الأوّلي ضرورة ملحة، حيث أن التطورات في العلاج على الرغم من محدوديتها ما زالت تفتح أفق الأمل للمرضى».
لمزيد من المصادر والمعلومات:
National Multiple Sclerosis Society
Multiple Sclerosis Association of America