
الصداع النصفي، أو كما يُعرف في بعض الأحيان بالشقيقة، ليس مجرد ألم عابر في الرأس، إنه تجربة تتجاوز الألم الجسدي، ليؤثر على حياة الشخص اليومية بشكل كبير، ويعاني المصابون بالصداع النصفي من نوبات مفاجئة من الألم الشديد الذي قد يرافقه أعراض إضافية مثل الغثيان، الحساسية للضوء والصوت، والدوار.
ورغم أن الصداع النصفي يعد من أكثر الحالات الطبية شيوعًا، إلا أنه لا يزال يثير العديد من الأسئلة عن أسبابه وطرق علاجه، وفي هذا المقال، سنتناول كل ما تحتاج معرفته عن الصداع النصفي، من أسبابه إلى علاجاته الحديثة، وكيفية التعامل معه بفعالية.
ما هو الصداع النصفي؟
الصداع النصفي هو نوع من أنواع الصداع الشديد والمتكرر الذي يصيب أحد جانبي الرأس. يختلف عن أنواع الصداع الأخرى من حيث شدته، فقد يصاحبه أعراض أخرى قد تؤثر على الحياة اليومية للمصاب، كما أنه لا يُصنف فقط كألم في الرأس، بل يشمل مجموعة من الأعراض المصاحبة التي قد تدوم من عدة ساعات إلى عدة أيام.
الصداع النصفي هو واحد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا في العالم، ويؤثر على حوالي 12% من السكان، مع النساء اللواتي يعانين منه بشكل أكبر من الرجال، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)،
أسباب الصداع النصفي
تظل أسباب الصداع النصفي غير مفهومة تمامًا، ولكن هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في حدوثه:
العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى أن هناك مكونًا وراثيًا في الصداع النصفي، حيث يكون الأشخاص الذين لديهم أفراد من العائلة يعانون من الشقيقة أكثر عرضة للإصابة بها.
التغيرات الكيميائية في الدماغ: يعتبر التغير في مستوى النواقل العصبية مثل السيروتونين أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في الإصابة بالصداع النصفي. هذه التغيرات قد تؤثر على الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى الألم الشديد.
العوامل البيئية: قد تلعب التغيرات في البيئة المحيطة مثل التوتر، قلة النوم، أو بعض الأطعمة دورًا في تحفيز نوبات الصداع النصفي. بعض الأطعمة مثل الجبن القديم، الشوكولاتة، والأطعمة المحتوية على مادة التيرامين يمكن أن تؤدي إلى تحفيز نوبة الشقيقة.
التغيرات الهرمونية: التغيرات في مستويات الهرمونات، وخاصة في النساء خلال فترات الدورة الشهرية أو الحمل، قد تزيد من خطر الإصابة بالصداع النصفي.
أعراض الصداع النصفي
أعراض الصداع النصفي تتنوع وتختلف من شخص لآخر، ولكن تشمل:
الألم الشديد: الذي غالبًا ما يكون في أحد جانبي الرأس، وقد يمتد إلى منطقة الجبهة أو العين.
الغثيان والقيء: يعتبر من الأعراض الشائعة لدى المصابين بالصداع النصفي، حيث يشعر الشخص بالرغبة في القيء أو يتقيأ فعلاً.
الحساسية المفرطة: الحساسية للضوء والصوت يمكن أن تكون مزعجة جدًا أثناء نوبات الصداع النصفي، مما يدفع المريض إلى الابتعاد عن أي مصادر إضاءة أو ضوضاء.
الرؤية المزدوجة أو العمى الجزئي: بعض الأشخاص قد يعانون من أعراض بصرية مثل الرؤية المزدوجة أو الفلاشات الضوئية قبل بداية نوبة الصداع النصفي. هذه الحالة تُعرف باسم "الأورة".
تشخيص الصداع النصفي
يتم تشخيص الصداع النصفي عادة من خلال الفحص السريري والتاريخ الطبي للمريض. قد يطلب الطبيب بعض الفحوصات للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى للصداع، مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، خاصة إذا كانت نوبات الصداع جديدة أو غير معتادة.
علاج الصداع النصفي
لا يوجد علاج نهائي للصداع النصفي، ولكن هناك العديد من العلاجات التي تساعد في تقليل تكرار النوبات وتخفيف الأعراض:
الأدوية المسكنة: تشمل الأدوية التي تحتوي على الإيبوبروفين أو الأسبرين لتخفيف الألم، بالإضافة إلى الأدوية التي تحتوي على التريبتانات مثل سوماتريبتان، والتي تساعد في تقليص الأوعية الدموية المتوسعة في الدماغ وتخفيف الألم.
الأدوية الوقائية: يمكن استخدام الأدوية لمنع حدوث النوبات، مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية ضغط الدم (مثل بيتا بلوكرز)، والتي يمكن أن تحد من تكرار النوبات.
العلاج السلوكي المعرفي: يمكن أن يساعد العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي في تقليل التوتر وإدارة الأعراض. هذا النوع من العلاج يُستخدم للتعامل مع العوامل النفسية التي قد تساهم في زيادة نوبات الصداع النصفي.
التغييرات في نمط الحياة: يمكن أن تساعد التغييرات البسيطة مثل تحسين عادات النوم، تقليل التوتر، وتجنب الأطعمة المحفزة في تقليل حدوث نوبات الصداع النصفي.