
في دراسة طبية حديثة نشرت في مجلة الأعصاب العالمية، تم تسليط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها الأطباء في تشخيص التصلب العصبي المتعدد (MS)، خاصةً في الحالات التي تتداخل فيها أعراضه مع أمراض عصبية أخرى.
نظرًا لعدم وجود اختبار تشخيصي محدد لهذا المرض، فإنه يتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل أطباء متخصصين لاستبعاد العديد من الاضطرابات العصبية الأخرى التي قد تسبب أعراضًا مشابهة. ومن أجل الوصول إلى تشخيص دقيق، فإن الفحوصات العصبية الدقيقة، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وفحص السائل الشوكي، تعد أساسية.
الأمراض التي قد تحاكي التصلب العصبي المتعدد
هناك عدد من الأمراض العصبية التي قد تُشخص خطأً على أنها تصلب عصبي متعدد بسبب التشابه الكبير في الأعراض العصبية.
من بين هذه الأمراض، يشير الأطباء إلى اضطراب طيف النخاع والعصب البصري (NMOSD) والمرض المرتبط بالأجسام المضادة لبروتين سكري المايلين قليل التغصّن (MOGAD) باعتبارهما الأكثر تشابهًا مع التصلب العصبي المتعدد.
هذا التشابه في الأعراض يعقد التشخيص الصحيح ويؤكد على ضرورة إجراء تقييم دقيق لحالة المرض.
اضطراب طيف النخاع والعصب البصري (NMOSD)
يعد اضطراب طيف النخاع والعصب البصري (NMOSD) أو التهاب النخاع والعصب البصري من الأمراض التي تشبه التصلب العصبي المتعدد في الأعراض والعلامات السريرية.
يتسبب هذا المرض في فقدان البصر بسبب التهاب العصب البصري، بالإضافة إلى ضعف في الأطراف بسبب التهاب النخاع الشوكي. من الأعراض الأخرى المرتبطة بهذا المرض آلام الأعصاب، التشنجات المؤلمة، وتيبس الأطراف، بالإضافة إلى مشاكل في المثانة والأمعاء.
كيف يختلف التهاب النخاع والعصب البصري عن التصلب العصبي المتعدد؟
الفرق الرئيسي بين التهاب النخاع والعصب البصري والتصلب العصبي المتعدد يكمن في الأجسام المضادة الموجودة في دم المرضى.
في معظم حالات التهاب النخاع والعصب البصري، يتم العثور على جسم مضاد يُسمى "أضداد بروتين أكوابورين 4" في الدم، والذي يُعتقد أنه السبب وراء تدمير أجزاء من الجهاز العصبي.
على النقيض، فإن التصلب العصبي المتعدد يتميز بهجمات مناعية غير شديدة تستمر على فترات طويلة، مع احتمال أكبر للشفاء بعد كل هجوم.
التشخيص والعلاج
تشخيص التهاب النخاع والعصب البصري يعتمد على استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وفحص السائل الشوكي، وفي بعض الأحيان فحص الدم للكشف عن الأجسام المضادة المرتبطة بالمرض.
في حالة الهجمات، يُستخدم العلاج بالستيرويدات لتثبيط الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تبادل البلازما، وهو علاج يشبه غسل الكلى لتنقية الدم من الأجسام المضادة.
لتقليل احتمال حدوث الهجمات المستقبلية، يتم وصف أدوية مثبطة للمناعة مثل ريتوكسيماب، إينبيليزوماب، إيكوليزوماب، وغيرها.
المرض المرتبط بالأجسام المضادة لبروتين سكري المايلين قليل التغصّن (MOGAD)
يشبه المرض المرتبط بالأجسام المضادة لبروتين سكري المايلين قليل التغصّن (MOGAD) أيضًا التصلب العصبي المتعدد والتهاب النخاع والعصب البصري.
ويتميز المرض بالتهاب العصب البصري وضعف الأطراف بسبب التهاب النخاع الشوكي، بالإضافة إلى نوبات صرع قد تصاحب المرض.
كيف يختلف هذا المرض عن التصلب العصبي المتعدد؟
السبب الرئيس لهذا المرض هو وجود جسم مضاد يُسمى "مضاد لبروتين سكري المايلين قليل التغصّن" في الدم، والذي يُسبب تدمير المايلين في الجهاز العصبي.
وتعد الهجمات الناجمة عن هذا المرض أكثر شدة، مما يؤدي إلى أضرار دائمة مقارنةً بهجمات التصلب العصبي المتعدد التي غالبًا ما يتبعها الشفاء.
التشخيص والعلاج
يتم تشخيص MOGAD باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وفحص السائل الشوكي، مع إجراء فحص للدم للبحث عن الأجسام المضادة.
العلاج يشمل استخدام الستيرويدات لتثبيط الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تبادل البلازما.
لتقليل تكرار الهجمات، يتم استخدام أدوية مثل ريتوكسيماب وآزاثيوبرين وميكوفينولات، بالإضافة إلى أدوية أخرى تثبط المناعة.
الأطباء العالميون يعلقون على التصلب العصبي المتعدد
في تصريحات حديثة من بعض كبار الأطباء في مجال طب الأعصاب، قال د. مايكل ليبمان، أستاذ طب الأعصاب في جامعة هارفارد، «التشخيص المبكر والدقيق للتصلب العصبي المتعدد أمر بالغ الأهمية، لأن العلاج المبكر يمكن أن يساهم في تقليل الأضرار العصبية وتحسين نوعية حياة المرضى بشكل كبير».
وأضاف د. كاثرين جونسون، استشارية طب الأعصاب في مستشفى كليفلاند كلينك: «من المهم أن يكون الأطباء على دراية بالأمراض الأخرى التي قد تحاكي التصلب العصبي المتعدد لضمان التشخيص الصحيح، إذ أن التشخيص المبكر لهذه الأمراض يعزز فرص العلاج الفعال والوقاية من تدهور الحالة».
الأمراض الأخرى ذات الصلة
إلى جانب التصلب العصبي المتعدد، والتهاب النخاع والعصب البصري، والمرض المرتبط بالأجسام المضادة لبروتين سكري المايلين قليل التغصّن، هناك العديد من الأمراض الأخرى التي قد تتسبب في أعراض مشابهة للتصلب العصبي المتعدد، مثل التهاب العصب البصري، التهاب النخاع الشوكي، التهاب الدماغ والنخاع الحاد المنتشر، الساركويد العصبي، الالتهاب الوعائي، ومتلازمة سوساك.
علاج الأعراض
تختلف استراتيجيات العلاج وفقًا للمرض المتسبب في الأعراض. على سبيل المثال، يمكن علاج الألم باستخدام الأدوية المهدئة للألم، ويتم تحسين التشنجات العضلية باستخدام الأدوية المناسبة. بالنسبة للضعف العضلي، فإن العلاج الطبيعي يعد من أفضل الخيارات لتحسين القوة والتوازن.
ويعتبر التشخيص الدقيق والحصول على العلاج المناسب في أقرب وقت ممكن من أهم العوامل في تحسين جودة حياة المرضى الذين يعانون من الأمراض التي تحاكي التصلب العصبي المتعدد.
وتستمر الأبحاث الطبية في تقديم حلول جديدة وفعالة لمواجهة هذه التحديات الطبية المعقدة، مما يعزز أمل المرضى في الحصول على حياة أكثر صحة وعافية.