
الانفصال العضلي هو حالة صحية شائعة تؤثر على العديد من النساء، خاصة أثناء فترة الحمل وبعد الولادة. هذه الحالة تتعلق بانفصال عضلات البطن المستقيمة، التي تمتد عموديًا على طول الجزء الأمامي من المعدة، مما يتسبب في زيادة الضغط على جدار البطن. على الرغم من أنه يمكن أن يكون مزعجًا، فإنه يمكن علاج الانفصال العضلي بطرق غير جراحية، وفي بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى التدخل الجراحي.
تعريف الانفصال العضلي
الانفصال العضلي هو حالة تحدث عندما تنفصل عضلات البطن المستقيمة عن بعضها، وهي العضلات التي تمتد من أسفل القفص الصدري إلى عظم العانة. الانفصال يحدث من خلال شريط من النسيج الضام يسمى «الخط الأبيض»، الذي يمتد على طول البطن. يحدث هذا الانفصال عادةً أثناء الحمل بسبب تمدد الرحم وزيادة الضغط على جدار البطن، ما يؤدي إلى تمدد الخط الأبيض وضعف مرونته. بعد الولادة، يمكن أن يعود الخط الأبيض إلى حالته الطبيعية، لكن في بعض الحالات، لا يحدث هذا التراجع بشكل كامل، مما يسبب بروز البطن وانتفاخها.
من يتأثر بالانفصال العضلي؟
الانفصال العضلي يحدث بشكل رئيسي لدى النساء الحوامل أو اللاتي أنجبن طفلاً أو أكثر. في حين أن هذه الحالة شائعة جدًا بين النساء بعد الحمل، يمكن أن تحدث أيضًا لدى الأطفال والرجال. وفي حال الحمل، فإن الانفصال العضلي غالبًا ما يتطور في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل بسبب زيادة حجم الطفل وضغطه على جدار البطن. ومع ذلك، لا تلاحظ معظم النساء هذه الحالة إلا بعد الولادة.
من الجدير بالذكر أن أكثر من نصف النساء اللاتي أنجبن طفلاً أو أكثر يعانين من هذه الحالة. وعلى الرغم من أن معظم الحالات تتحسن تلقائيًا في غضون شهرين من الولادة، إلا أن بعض النساء قد يظل لديهن أعراض الانفصال العضلي بعد أكثر من 6 أشهر من الولادة.
أعراض الانفصال العضلي
تظهر علامات الانفصال العضلي بعد الولادة، وقد تكون هذه الأعراض واضحة للعديد من النساء. تشمل الأعراض الشائعة:
-انتفاخ في منطقة أعلى أو أسفل السرة.
-صعوبة في رفع الأشياء أو أداء المهام اليومية.
-بروز العضلات عند انقباض البطن.
-ألم في أسفل الظهر.
-الألم أثناء ممارسة العلاقة الزوجية.
-ألم في منطقة الحوض أو الورك.
-الشعور بضعف في منطقة البطن.
-سلس البول.
-صعوبة في الوقوف بشكل مستقيم.
ورغم أن الانفصال العضلي نفسه ليس مؤلمًا، إلا أن الآثار المرتبطة به قد تكون مزعجة أو مؤلمة في بعض الأحيان، مثل آلام الظهر أو آلام الحوض.
عوامل الخطر المرتبطة بالانفصال العضلي
تزداد احتمالية الإصابة بالانفصال العضلي في الحالات التالية:
-الولادة لطفل كبير أو ثقيل الوزن.
-صغر حجم الجسم.
-الولادة بعد سن 35 عامًا.
-الولادة المهبلية.
-تعدد الحمل (الإنجاب لعدة أطفال في نفس الحمل).
-تقارب فترات الحمل.
-الحمل بتوأم أو أكثر.
تشخيص الانفصال العضلي
يتم تشخيص الانفصال العضلي عادة من خلال الفحص البدني، حيث يقوم الطبيب بالتحسس في منطقة البطن لتقييم فجوات العضلات وقوة جدار البطن. يمكن استخدام تقنيات التصوير مثل الأشعة المقطعية أو الموجات فوق الصوتية لتحديد حجم الفجوة بين العضلات. يُعد الانفصال العضلي الذي تكون فيه الفجوة أكبر من 2 سم هو التشخيص الرسمي. غالبًا ما يتم تشخيص الحالة في موعد ما بعد الولادة (حوالي 6 أسابيع) لمراقبة مدى التغيرات التي تحدث في العضلات.
في حال رغبتِ في فحص الانفصال العضلي بنفسك، يمكن تجربة هذه الطريقة: استلقي على ظهرك، مع ثني ركبتيك ووضع قدميك مسطحة على الأرض، ثم ضعي يدًا واحدة لدعم رأسك وارفعي كتفيك برفق، كأنك تستعدين للجلوس. في نفس الوقت، ضعي يدك الأخرى على بطنك وتحسسي الفجوة بين عضلات البطن. إذا تمكنتِ من إدخال إصبعين أو أكثر في الفجوة، ينصح بزيارة الطبيب.
علاج الانفصال العضلي
غالبًا ما يُعالج الانفصال العضلي من خلال التمارين الرياضية المناسبة التي تهدف إلى تقوية عضلات البطن. يُوصي الأطباء بتمارين خفيفة تحرك عضلات البطن بشكل آمن، مثل تمارين التنفس العميق وتمارين التمدد. يتم تقديم خطة متابعة دقيقة لضمان أن المريضة تقوم بتنفيذ التمارين بشكل صحيح.
في الحالات الشديدة، أو إذا تسبب الانفصال العضلي في حدوث فتق (أي دفع عضو من أعضاء الجسم عبر الفجوة في الخط الأبيض)، قد يتطلب الأمر التدخل الجراحي. جراحة الانفصال العضلي تتضمن خياطة العضلات معًا لتقليل بروز البطن وتعزيز قوة الجذع. في بعض الحالات، يتم دمج الجراحة مع عملية شد البطن لإزالة الجلد الزائد والمرن.
في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، يُجرى علاج الانفصال العضلي باستخدام تقنيات الجراحة بالمنظار، حيث يقوم الجراحون بعمل شقوق صغيرة لإدخال منظار البطن، مما يسمح لهم بإصلاح الانفصال العضلي بدقة وبدون الحاجة لشقوق كبيرة. بعد الجراحة، يُوصى باستخدام دعامة بطنية لمدة تتراوح من 6 إلى 8 أسابيع مع تجنب ممارسة الرياضة أو رفع الأثقال.
الوقاية من الانفصال العضلي
على الرغم من أنه من الصعب الوقاية من الانفصال العضلي تمامًا، إلا أن هناك بعض التدابير التي يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة به، مثل:
-تجنب تمارين البطن وعضلات المعدة لمدة 3 أشهر بعد الولادة.
-التنفس بعمق للسماح لأضلاعك بالتوسع بشكل طبيعي أثناء الحمل.
-تجنب رفع الأشياء الثقيلة بعد الولادة.
-ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي أثناء الحمل لضمان زيادة وزن صحي.
-الحفاظ على وضعية صحيحة والوقوف بشكل مستقيم.
-محاولة النهوض من السرير تدريجيًا أثناء الحمل وبعد الولادة.
تصريحات الأطباء
وفقًا للدكتور توني هوليس، أستاذ الجراحة في جامعة كولومبيا، "الانفصال العضلي حالة شائعة جدًا بين النساء بعد الحمل، وقد لا يعانون من أعراض ملحوظة إلا بعد الولادة، لكن التدخل المبكر في التشخيص والعلاج يساعد بشكل كبير في تحسين الأعراض."
أما الدكتور آلان شميت، استشاري الجراحة في مستشفى سانت ماري، فقد أشار إلى أنه "في حالات الانفصال العضلي الشديدة، يجب أن يكون العلاج الطبي والتدخل الجراحي جزءًا من خطة العلاج لضمان العودة إلى الحالة الطبيعية للعضلات."