
يُعتبر مرض السكري من العوامل الرئيسية التي تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن الأشخاص المصابين بالسكري يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بمعدل مرتين ونصف مقارنة بالأشخاص غير المصابين بالسكري. يعود ذلك إلى التأثيرات السلبية التي يحدثها السكري على الأوعية الدموية، ما يزيد من احتمالية حدوث انسدادات أو جلطات دموية تؤدي إلى توقف تدفق الدم إلى الدماغ، وبالتالي تتعرض خلايا الدماغ للتلف. وتُعد السكتة الدماغية من الحالات الطارئة التي تحتاج إلى علاج سريع ومباشر لتجنب الضرر الدائم أو الوفاة، نقلاً عن وزارة الصحة السعودية بحسب دراسة حديثة منشورة في مجلة "ذا لانسيت".
وتُعرف السكتة الدماغية بأنها تلف يصيب الأنسجة الدماغية نتيجة انقطاع تدفق الدم إلى جزء من الدماغ. الأنسجة الدماغية تحتاج إلى تدفق مستمر للدم الغني بالأوكسجين والعناصر المغذية للحفاظ على وظيفة خلايا الدماغ. عندما ينقطع هذا التدفق لأي سبب من الأسباب، وتحديدًا لأكثر من 3-4 دقائق، تبدأ خلايا الدماغ بالتلف والموت.
أسباب السكتة الدماغية لدى مرضى السكري
يؤدي السكري إلى تلف الأوعية الدموية الصغيرة والكبيرة في الجسم، بما في ذلك الأوعية التي تغذي الدماغ. يتسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم في تراكم الدهون والكوليسترول على جدران الأوعية، مما يؤدي إلى تصلب الشرايين، ويجعل الأوعية الدموية ضيقة وغير مرنة. هذا يمكن أن يساهم في تكوين جلطات دموية تسد تدفق الدم إلى الدماغ، ما يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية. كما أن ارتفاع ضغط الدم، الذي غالبًا ما يصاحب مرض السكري، يعزز من فرص حدوث السكتة الدماغية.
علامات تحذيرية للسكتة الدماغية
ومن المهم التعرف على الأعراض التحذيرية للسكتة الدماغية، خاصة لمرضى السكري، الذين قد لا يشعرون دائمًا بالأعراض المبكرة. تشمل الأعراض الرئيسية التي يجب الانتباه إليها:
- ضعف أو خدر مفاجئ في الوجه أو الذراع أو الساق، خاصة في جانب واحد من الجسم.
- صعوبة في الكلام أو فهم الكلمات، ما قد يظهر على شكل تلعثم أو صعوبة في تكوين جمل واضحة.
- ازدواجية الرؤية أو قصور في الرؤية بإحدى العينين أو كلتيهما.
- دوار شديد وفقدان التوازن، ما يجعل الشخص غير قادر على الحفاظ على توازنه.
- صداع مفاجئ وشديد، قد يرافقه غثيان أو قيء.
- فقدان القدرة على تحريك أجزاء من الجسم أو الشلل المفاجئ.
العلاج الفوري للسكتة الدماغية
وفي حالة الشك بإصابة الشخص بالسكتة الدماغية، يجب الاتصال بالطوارئ فورًا للحصول على العلاج المناسب في الوقت المحدد. العلاج الأولي للسكتة الدماغية الإقفارية يشمل استخدام الأدوية المذيبة للجلطات مثل منشط مولّد البلازمين النسيجي، الذي يساعد على تفتيت الجلطات الدموية، ولكن يجب أن يتم إعطاؤه في غضون 4.5 ساعات من بدء ظهور الأعراض لتكون فعاليته في أعلى مستوى. في حالات أخرى قد يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا، مثل استئصال بطانة الشريان السباتي أو عملية توسيع الأوعية الدموية باستخدام الدعامة.
الوقاية والتقليل من مخاطر السكتة الدماغية لمرضى السكري
ومن خلال اتباع مجموعة من الإرشادات الطبية يمكن تقليل فرص الإصابة بالسكتة الدماغية بشكل كبير:
- مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل منتظم والعمل على التحكم فيها لتجنب الارتفاعات المفاجئة.
- ضبط ضغط الدم باستخدام الأدوية المناسبة، حيث يعتبر الضغط المرتفع من العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
- اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على كميات معتدلة من الدهون والكوليسترول.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.
- الإقلاع عن التدخين، لأن التدخين يزيد من تصلب الشرايين ويعزز من فرص حدوث السكتة الدماغية.
التوجهات الطبية الحديثة
وتؤكد العديد من الدراسات الحديثة على أهمية الوعي المبكر وضرورة التدخل السريع في حالات السكتة الدماغية. في هذا السياق، صرح الدكتور محمد العبدالله، استشاري أمراض السكري في مستشفى الملك فيصل التخصصي، قائلاً: «السكري لا يؤثر فقط على الأوعية الدموية بل يساهم في تعجيل حدوث السكتات الدماغية، ولذلك من الضروري على المرضى متابعة صحتهم بشكل دوري، والالتزام بالعلاج الطبي الموصوف، فضلاً عن تبني نمط حياة صحي للحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية».
كما ذكر الدكتور سامي الجابر، أستاذ طب الأعصاب في جامعة الملك سعود، في تصريح له: «تزداد معدلات الإصابة بالسكتة الدماغية بين مرضى السكري بشكل ملحوظ، لا سيما أولئك الذين لا يتبعون نصائح الوقاية أو يعانون من ارتفاع مستمر في ضغط الدم والكوليسترول»، وأوضح أيضًا: «من المهم أن يشمل العلاج السكتة الدماغية ليس فقط الأدوية، بل أيضًا إعادة التأهيل بعد الإصابة لضمان استعادة المريض لقدراته الحركية والمعرفية».